نعرض لكم في هذه السلسلة قصصًا شخصية لأماكن (معالم تاريخية) في مدينة حلب، يرويها أشخاص تربطهم علاقة وطيدة بالمكان. تهدف هذه السلسلة إلى تسليط الضوء على الجانب الغير المادي للأماكن التراثية في حلب، وإلى إيصال فكرة إدراج الذاكرة في إعادة تصور وإعادة بناء مكان من خلال سكّانه.
تمثّل هذه المساهمات جزءًا من الجهود المشتركة التي يبذلها مشروع خارطة التراث السوري التفاعلية مع مشروع دليل تراث حلب بهدف توثيق تاريخ وعمارة معالم تاريخية في مدينة حلب.
شهد خان الوزير وهو مركز تجاري تاريخي في حلب، ازدهار صناعة النسيج وإرث العائلة. غير أن الخان أصبح الآن بسبب الحرب مهجورًا وفي حالة سيئة. هذه الذكرى هي رحلة شخصية عبر خان الوزير بحلب لتاجر نسيج نشأ وعمل في المركز التجاري التاريخي، وهي تستكشف ذكريات بولص وخبراته عن الخان وآماله في ترميمه في المستقبل.
... حيث كنت أرافقه عندما كنت طفلاً في مسيرتنا اليومية إلى العمل ، كنا نذهب دائمًا إلى مكتب بريد باب الفرج لفتح صندوق البريد الخاص بنا وأخذ الرسائل ومتابعة الطريق بالترامواي أو المشي حتى وصولنا إلى خان الوزير.
تم نقل معملنا عدة مرات داخل الخان نفسه. أتذكر في البداية أن المعمل كان يقع في الجزء الشمالي الذي هُدم الآن لتوسيع الشارع المؤدي من الجامع الأموي إلى القلعة. يقال إن الزقاق السابق كان ضيقًا جدًا بحيث يمكنك لمس جانبي جدرانه بيديك وأنت تمشي. وهكذا ، تم هدم أجزاء من الخان وجزء كبير من المبنى المقابل (المطبخ العجمي) لتسهيل الوصول إلى بعض المنازل.
بعد استملاك محلاتنا في خان الوزير تلقينا تعويضًا حكوميًا بسيطًا وانتقلنا إلى صالون الخان وهو عبارة عن قاعة مربعة كبيرة جيدة جدًا تقع فوق المدخل مباشرة. كان يصعد إليها من أحد الدرجين المتوازيين ، واحد على كل جانب من جانبي الخان. واصلنا عملنا في هذا الصالون لمدة عام ونصف تقريبًا قبل أن ننتقل للواجهة الغربية حيث ما زلت حتى اليوم ".
"لدي العديد من الذكريات الجميلة في هذا الخان أثناء زيارة معمل النسيج الصغير الذي كان ملكًا لوالدي وعمي. كان لديهم اثنان من أوائل أنوال النسيج في حلب، مع ترخيص لممارسة هذه المهنة في الخان على الرغم من أضوضاء النول العالية ، ما زلت أسمع صوت النول في رأسي حتى اليوم! كنت أستطيع من خلال هذا الصوت معرفة ما إذا كانوا يعملون أم لا حتى أثناء الجلوس بعيدًا عن المعمل في المكتب.
كانت منتجات عائلتنا مشهورةً باسم أطلس (نسيج الساتان) مكربنة. كان من عادات أو مستلزمات الزواج بحلب أن يضم جهاز العروس ألبسةً مصنوعةً من أطلس مكربنة لأن نوعيتها ناعمةٌ ومتينةٌ ومشهورة. زاولنا بعدها مهنة التجارة العامة بالإضافة لصناعة النسيج. كان جدي يبيع بضائع من أطلس ونسيجٍ قطني وكان يُصدّر كميات كبيرة منها للموصل في العراق.
...وكنا نوزّع أعمالنا على بعض القيسريات التي فيها أنوال لزيادة إنتاجنا. هناك حرفيةٌ خاصةٌ للعمل على النول حيث يجلس العامل أمام أدواته ويدخل أقدامه بحفرة تحته ليستخدمها برفع وخفض خيوط السدة ويستخدم أياديه كي يقذف المكوك يمينًا ويسارًا لتتم عملية النسج.
لقد تغيرت الكثير من الأشياء أمام الخان منها هدم القيسرية التي كانت أمام مدخله وإغلاق بئر الماء داخله بجانب المدخل، كذلك كان يوجد
تحوّل مكتب بولص في خان الوزير في السنوات الأخيرة الوزير إلى القنصلية السويسرية. يصف بولص الفناء الضخم المفتوح أمام القنصلية والذي يمكن أن يتسع بشكل مريح لـ ٦٠٠ شخص، والحفل الجميل الذي أقامته فرقة موسيقية من سويسرا.
" تحوّل مكتبي إلى القنصلية السويسرية. وفي عام ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩ قمت بتنظيم فعاليات ومهرجانات سورية سويسرية كانت ترعاها محافظة حلب والسفارة السويسرية في دمشق، منها عروض أزياء، معارض ولقاءات ثقافية وفنية. هناك فناء واسع جدًا أمام القنصلية يتسع لجلوس ٦٠٠ شخص. أقامت فرقة موسيقية من سويسرا حفلاً جميلاً هناك. كانت الإضاءة الملّونة تعطي جمالًا رومانسيًا وراحةً للمكان لأنّها كانت تبرز الجمال المعماري من أقواسٍ وأعمدةٍ وفسحات مفتوحة."
"هُجر الخان في الوقت الحاضر للأسف بسبب الحرب. فقدت حجارته وأشجاره سحرها السابق. لإنه في حالة سيئة للأسف. منذ عدة أيام ذهبت للخان للقيام بعدة ترتيبات، ولكني لم أحتمل وجودي فيه سوى ثلاث أرباع الساعة. قلبي يعتصر ألمًا وحزنًا. شهدت هذا الخان بمجد أيامه، والآن ترى كل ذكرياتك مرمية على الأرض وكل مقتنياتك مبعثرة على الأرض. لا أنصح أحدًا بزيارة حطام منزله.
لا أستطيع عمل أي شيء للخان بمفردي، لأني لست الوحيد الذي يعمل فيه. الاهتمام الرسمي بالمكان ليس له الأولوية حاليًا بسبب العمل الهائل المطلوب لحلب القديمة وهي ذات مساحة كبيرة جدًا.
آمل أن يتلقى الخان الاهتمام الذي يستحقه من أولئك المهتمين بالتراث العالمي وأن يُرمّم لكي يستعيد إمكاناته الكاملة."
قلعة حلب ليست مجرد معلم تاريخي ولكنها أيضًا مكان للذكريات والحب والهوية للعديد من السوريين. هذه قصة تجارب امرأة شابة وذكرياتها مع القلعة، من أحلام الطفولة إلى الوقوع في الحب وتأثير الحرب.
هذه ذكرى من حلب عن تجربة شخصية لامرأة في الزاوية الهلالية، مكان صلاة صوفي في حلب يعود تاريخه إلى ٨٠٠ عام.
هذه ذكرى من حلب عن افتتان صبي صغير بساعة برج باب الفرج المعطّلة وأحلامه في إصلاحها.
يروي عمر عبد الوهاب قطاع في شهادته هذه قصّة علاقته الشخصية مع جامع العادلية في حلب والذي يحمل قيمًة تاريخية ودينية لأهالي حلب.
رواية مؤثرة وشخصية للغاية عن علاقة رجل بمسجد محبوب دمرته الحرب. هذه الذكرى هي تكريم مؤثر لمكان يحمل معنى عميقًا للراوي سامي بهرمي والمجتمع الحلبي.