ar
نعرض لكم في هذه السلسلة قصصًا شخصية لأماكن (معالم تاريخية) في مدينة حلب، يرويها أشخاص تربطهم علاقة وطيدة بالمكان. تهدف هذه السلسلة إلى تسليط الضوء على الجانب الغير المادي للأماكن التراثية في حلب، وإلى إيصال فكرة إدراج الذاكرة في إعادة تصور وإعادة بناء مكان من خلال سكّانه.
تمثّل هذه المساهمات جزءًا من الجهود المشتركة التي يبذلها مشروع خارطة التراث السوري التفاعلية مع مشروع دليل تراث حلب بهدف توثيق تاريخ وعمارة معالم تاريخية في مدينة حلب.
رواية مؤثرة وشخصية للغاية عن علاقة رجل بمسجد محبوب دمرته الحرب. هذه الذكرى هي تكريم مؤثر لمكان يحمل معنى عميقًا للراوي سامي بهرمي والمجتمع الحلبي.
"تعرفت على جامع البهرمية في سن العشرين عندما اصطحبني عمي رضوان بهرمي إلى هناك ، ولم أكن أعلم في ذلك الوقت أن جدي الأكبر هو من بناه! بدأت علاقتي بهذا المكان منذ ذلك الحين واستمرت لمدّة سبع سنوات ".
كنت أزور الجامع بشكل دوري كل يوم جمعة لأداء الصلاة. كنت أذهب قبل وقت الصلاة بساعة أو ساعتين وأجلس في مكان يعود تاريخه إلى ما بين ٤٠٠ إلى ٥٠٠ عام. رائحة النظافة التي تنبعث من المكان مميزة للغاية حيث يوجد ثلاثة خدم يعملون باستمرار للحفاظ على نظافة الجامع وترتيبه. الهواء نقي والجدران باردة في الصيف. لها خصوصية فريدة من نوعها. صوت المؤذن أبو جلال في جامع البهرمية أصيل وصادق وهو يرفع الأذان. عليك فقط أن تغمض عينيك لتسمع صوته وتغوص بعمق في روحك، وتعود إلى المكان، في المصلّى الساحر الجميل، وأنت تدخل في حالة روحانية كاملة ".
"أذكر أني عند وصولي للجامع قبل موعد الصلاة كنت آخذ المفتاح من الخادم الذي كان يقف عادة عند البوابة بجانب سبيل الماء و يقوم بغسيل أرضية الجامع والسوق خارجه. أفتح باب القبلية وأدخل، حيث أرى على يميني وعند النافذة رجلًا عجوزًا يجلس أمامه القرآن وبجانبه زجاجة ماء يقرأ بهدوء. ولأني فتحت الباب المقفول بمفتاح الخادم كان من المفروض أن تكون القبلية خاليةً من المصلّين، ولكن هذه الحادثة تكررت عدة مراتٍ و كل مرة كنت أجد العجوز بمكانه. استغربت كوني دائمًا أحضر قبل موعد الصلاة بساعة وأفتح الباب وأنا أول الواصلين إليه والعجوز بالداخل ومقفل الباب عليه، فسألت الخادم عنه فأجاب بأنه يدخل الجامع يوم الجمعة عند صلاة الصبح ويبقى فيه يقرأ القرآن حتى صلاة الظهر وبعدها يذهب لبيته، هذه هي طريقة صلاته الخاصة."
كان مشهد الصحن وحديقته مع ضريح بناة الجامع كمعلمٍ بارزٍ متعةً للناظرين . سامي يتذكّر صلته مع بناة الجامع.
في الجهة الجنوبية الشرقية ضريح باني الجامع بهرام باشا وشقيقه رضوان باشا وهو بناءٌ في غاية الجمال والروعة. للحديقة بابان (مقفلان) أحدهما من الشرق من حارة المدرسة الأحمدية حيث يمكن رؤية القبرين، والباب الآخر من الغرب يوصل إلى صحن الجامع. لم أتمكن قبل الحرب من زيارة ضريح جدّنا الأكبر وتلاوة بعض السور القرآنية على روحه من الداخل، لأن خادم الجامع لم يسمح لي أبدًا بالدخول."
" من المفارقات التي حدثت الآن بسبب الحرب أنني استطعت دخوله لأول مرة متجاوزًا تلال أنقاض المحلات المتهدّمة في منتصف سوق باب أنطاكية وخاني التتن الكبير والصغير. لقد كان الدمار كبيرًا وارتفاع الأنقاض يقارب طول قامة الإنسان. بعد تجاوز الأنقاض وصلنا إلى باب الجامع فكان مغلقاً، ثم توجّهت للجهة الغربية حيث هناك بابان آخران للجامع كانا أيضًا مغلقين.. شاهدت جدار الحديقة المرتفع الذي تهدّم ومن خلال أنقاضه دخلت الحديقة وتوجهت شرقًا لمكان الضريح حيث رأيت شواهد القبور قد أزيلت تماماَ ولم يعد لها أي أثر سوى الأعمدة المحيطة بها."
"في بداية عام 2018 رغبت بإعادة بناء جدار الحديقة المهدّم، وهو عبارة عن جدارٍ بطول ثمانية أمتار وارتفاع ثلاثة أمتار ورصدت مبلغ 400 ألف ليرة لذلك، إلا أن نتيجة دراسة التكلفة وصلت لأكثر من مليوني ليرة فلم يكن باستطاعتي تحمل نفقاته."
وتهدّمت قبة الجامع بالكامل. مرت أربعون سنة حتى بُنيت قبةٌ بديلة، وتم تغطية كلفة بنائها من بيع الرصاص العازل الذي كان يغطّي القبة القديمة، ما بين عامي ١٨٦٠ و١٨٦٤ حيث تمّ بناء أربعة ركائز تحمل القبة الجديدة ولكن بقطر أصغر من القديمة. اليوم بعد الحرب والضرر الكبير الذي أصاب القبلية والقبّة والمئذنة لست متفائلاً بأنها ستعود كما كانت، بسبب عدم توفّر التمويل المناسب واليد العاملة الخبيرة."
.. لأفراد آخرين للمساهمة في الحفاظ على المعالم التاريخية في حلب وترميمها.
"كان رواق الجامع مهددًا بالانهيار الكامل بسبب الضرر الذي أصاب إحدى الركائز الخارجية، والتي كان وضعها حرجاً إذا بقيت بدون إصلاح وترميم، حتى قام عبدو كنو بالتبرّع لتدعيمها وإصلاحها بجهوده الفردية. قُدرت تكاليف ترميم وإصلاح ركيزة واحدة ب 700 ألف ليرة سورية ...
...فكيف ستكون التكلفة الكاملة لترميم القبلية؟"
"زرت الجامع أكثر من عشرين مرةً منذ توفر الإمكانية للدخول إلى حلب القديمة، وفي كلّ مرةٍ أزوره وكأنها المرة الأولى، وأحزن عليه وكأنني أراه مدمراً للمرة الأولى، والصلاة فيه على ما يبدو ليست ممكنةً في الأمد القريب. أرغب بأن يبدأ العمل والترميم فيه أسوةً بالعمل الجاري في الكنائس والجوامع الأخرى، وأن يصلي الناس مرة أخرى في تلك الأماكن التي لها ذكرى لدى مجتمعنا الحلبي. أتمنى أن أعود للصلاة يوم الجمعة تحت قبّة قبلية جامع البهرمية مع نفس الأشخاص الذين كنت أصلي معهم قبل الحرب."
قلعة حلب ليست مجرد معلم تاريخي ولكنها أيضًا مكان للذكريات والحب والهوية للعديد من السوريين. هذه قصة تجارب امرأة شابة وذكرياتها مع القلعة، من أحلام الطفولة إلى الوقوع في الحب وتأثير الحرب.
هذه ذكرى من حلب عن تجربة شخصية لامرأة في الزاوية الهلالية، مكان صلاة صوفي في حلب يعود تاريخه إلى ٨٠٠ عام.
هذه الذكرى هي رحلة شخصية عبر خان الوزير بحلب لتاجر نسيج نشأ وعمل في المركز التجاري التاريخي، وهي تستكشف ذكريات بولص وخبراته عن الخان وآماله في ترميمه في المستقبل.
يروي عمر عبد الوهاب قطاع في شهادته هذه قصّة علاقته الشخصية مع جامع العادلية في حلب والذي يحمل قيمًة تاريخية ودينية لأهالي حلب.
هذه ذكرى من حلب عن افتتان صبي صغير بساعة برج باب الفرج المعطّلة وأحلامه في إصلاحها.