ar
نعرض لكم في هذه السلسلة قصصًا شخصية لأماكن (معالم تاريخية) في مدينة حلب، يرويها أشخاص تربطهم علاقة وطيدة بالمكان. تهدف هذه السلسلة إلى تسليط الضوء على الجانب الغير المادي للأماكن التراثية في حلب، وإلى إيصال فكرة إدراج الذاكرة في إعادة تصور وإعادة بناء مكان من خلال سكّانه.
تمثّل هذه المساهمات جزءًا من الجهود المشتركة التي يبذلها مشروع خارطة التراث السوري التفاعلية مع مشروع دليل تراث حلب بهدف توثيق تاريخ وعمارة معالم تاريخية في مدينة حلب.
هذه ذكرى من حلب عن افتتان صبي صغير بساعة برج باب الفرج المعطّلة وأحلامه في إصلاحها.
...عندما كنت بالصف الخامس، أخرج من بيت أهلي أمر بالقرب من ساعة باب الفرج متوجهًا لمنطقة الجديدة للوصول لمحل خالي عدنان فارس الذي كان يعمل في إصلاح الساعات القديمة.
كان معروفًا جدًا بتوفّر أغلب قطع الغيار لديه، وبأنه يستطيع تصليح أصعب وأعقد الساعات. أحضر أحد الأشخاص الأجانب معه من أوروبا ذات مرة ساعةً نادرةً معطلة كانت من مقتنيات آخر قيصر روسي، كي يصلحها في حلب عند خالي ذو السمعة الجيدة.
لطالما كانت تلك القطع الميكانيكية النادرة تثير اهتمامي. في كل مرّة أمرّ بالقرب من ساعة باب الفرج وأراها متوقفةً لا تعمل، كنت دائمًا أطمح لإصلاحها وإعادة الحياة لها يومًا ما عندما أكبر."
... بتنظيف الواجهة الحجرية للبرج وإصلاح الساعة المعطّلة، ولكنها بعد فترة توقفت من جديد.
نظرًا لأنني كنت دائمًا أرغب في إصلاحها تقدّمت وأنا بعمر ال ١٦ سنة بطلب لبلدية المدينة القديمة حيث كانت تلك محاولتي الأولى لمعاينتها، وتمت الموافقة للاطلاع عليها عمليًا. عندما دخلت المكان كانت بهجتي كبيرة جدًا لرؤية ذلك الكنز الفريد الذي لا يمكن للإنسان العادي زيارته ورؤيته من الداخل أو حتى لمسه.
انتابتني فرحة عارمة ولكن رافقها حزن أكبر بسبب سوء صيانتها أو إصلاحها في المرّات السابقة.
تعتمد الساعة بالدرجة الأولى على أثقال بوزن محدد ودقيق لتدوير أقسامها المختلفة. منها القسم الذي يدوّر العقارب، والقسم ميكانيكي للساعة الذي يقرع من خلاله الجرس حسب عدد الوقت بالعدد ذاته من المرات، وقسم اللحن الذي تقرع من خلاله عدة أجراس بلحن معين.
لم يتمّ سابقًا البحث عن سبب استمرار توقّف الساعة أو إدراك موضع العطل بالضبط ، فكانت محاولات الاصلاح السابقة غير مدروسة، وعند حصول كسر في أحد مسننات الساعة وتبديله لم تتم دراسة سبب حصول هذا الكسر، ولذلك بقيت أعطالها كثيرةً وبدون حلول."
"بمجرد دخولك لبرج الساعة وصعودك أول درجة فيه تشعر وكأنك تسافر في الزمن إلى الوراء وتنتقل إلى عصر آخر، مئة وعشرون سنة إلى الماضي، وعندما تنظر لتقنية صنعها في ذلك الزمان وتلمس قطعها الميكانيكية فإنها تنقلك لعالم آخر.
رائحة الزيت والخشب لا يمكن نسيانها ولا يمكن وصف إحساسك.
كنت أقف تحت البرج وأتخيّل كيف ستكون الإنارة، وكيف ستدور عقارب الساعة وكيف ستقرع أجراسها؟
... لكن عملي لم يكن مكتملًا. خلال هذه العملية بدأت تراودني كوابيس مفادها أن شخصًا ما سيأتي لإصلاح الساعة فقط للتعقيد والتسبب في أعطال تؤدي إلى فشل فادح لا يمكن إصلاحه أبدًا. لقد حاولت الاستمرار في إصلاحها لكنني فشلت لأنني كنت لا أزال صغيرًا جدًا لمثل هذه الوظيفة التي تحتاج للخبرة، على الرغم من أنني قمت بإصلاح العديد من الساعات في معظم المدن السورية ".
وساعة مدينة سلقين وساعة محطة القطار بحلب وساعة محطة الحجاز بدمشق. الأخيرة كانت معقدة جدًا لأنها الساعة الأم (١) المرتبطة بجميع ساعات محطات القطار الواصلة للمحطة الأخيرة في المدينة المنورة بالسعودية، ولها عمل ميكانيكي دقيق أساسي ومغناطيسي كهربائي ملحق بها لتسجيل قراءة الوقت، لتعمل جميعها معاً وبتوقيت واحد على طول مسار خط القطار."
(١) كانت دمشق المحطة الأولى في الخط الحديدي الحجازي.
...فكانت سبب كوابيسي التي كنت أستيقظ ليلًا بسببها ومفادها أن الساعة قد تدمرت بالحرب أو سرقت أو أو أزيلت أو تم بناء شيء آخر مكانها."
بدأت الأجراس تدقّ مرة أخرى - صوت كان قد أصبح في حكم النسيان بالنسبة لسكان المدينة. أخبرني رجل مسن مرةً أن الساعة كانت تعمل نادرًا في الـ ٥٥ عامًا الماضية ولم يسمع أحد بأجراسها مطلقًا ".
"في الساعة الخامسة والنصف عند بزوغ شمس يوم عيد الفطر عام ٢٠١٧ أنهيت عملي بها بشكل كامل. خرجت من برجها ووقفت في الساحة أسفلها أتأملها. وفي تمام الساعة السادسة كانت قد أشرقت الشمس ولمعت عقاربها الذهبية وبرقت واجهتها فقرعت أجراسها للمرة الأولى.
كانت فرحتي عظيمة!
لن أنسى تلك اللحظة أبدًا. عدت لمنزلي وخلدت في نوم عميق لآخذ قسطًا من الراحة، وفي اليوم الثالث من العيد ذهبت مع عائلتي لزيارتها وكانت الساعة الرابعة عصراً. حين قرعت أجراسها بدأ الأولاد بالرقص فرحين لسماع صوتها. لقد تحقق حلمي لهذا المعلم المهم وتركت أثراً شخصياً فيه ولي يد بصيانته وأعدت له الحياة."
قلعة حلب ليست مجرد معلم تاريخي ولكنها أيضًا مكان للذكريات والحب والهوية للعديد من السوريين. هذه قصة تجارب امرأة شابة وذكرياتها مع القلعة، من أحلام الطفولة إلى الوقوع في الحب وتأثير الحرب.
هذه الذكرى هي رحلة شخصية عبر خان الوزير بحلب لتاجر نسيج نشأ وعمل في المركز التجاري التاريخي، وهي تستكشف ذكريات بولص وخبراته عن الخان وآماله في ترميمه في المستقبل.
رواية مؤثرة وشخصية للغاية عن علاقة رجل بمسجد محبوب دمرته الحرب. هذه الذكرى هي تكريم مؤثر لمكان يحمل معنى عميقًا للراوي سامي بهرمي والمجتمع الحلبي.
يروي عمر عبد الوهاب قطاع في شهادته هذه قصّة علاقته الشخصية مع جامع العادلية في حلب والذي يحمل قيمًة تاريخية ودينية لأهالي حلب.
هذه ذكرى من حلب عن تجربة شخصية لامرأة في الزاوية الهلالية، مكان صلاة صوفي في حلب يعود تاريخه إلى ٨٠٠ عام.